في السنوات القليلة الماضية، كانت هناك حوادث تورطت فيها شركات كبرى في عمليات غير قانونية، واختراقات، وسرقة بيانات شخصية. وربما واحدة من أكثرها شهرة وما ترتب عليها من عواقب هي فضيحة بيانات "فيسبوك – كامبريدج أناليتيكا".
لم يكن هناك سرقة بيانات من فيسبوك، بينما قامت شركة الاستشارات "كامبريدج أناليتيكا" بجمع بيانات شخصية لـ 87 مليون مستخدم تمت معالجتها عبر منصة فيسبوك دون موافقة، بهدف التأثير على نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة عام 2016 وخروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي. هذه القضية وغيرها من القضايا المشابهة سلطت الضوء على أمر غير متوقع في العصر الرقمي، وهو المعاملة غير السليمة وحماية البيانات الشخصية التي يقدمها ملايين الأشخاص عبر الإنترنت لآلاف الشركات.
وهذا هو السبب وراء ظهور اللائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا، وفي هذا السياق، سنشرح ما هو تأثيرها على التسويق الرقمي اليوم.
ما هي اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)؟
GDPR هو اختصار لـ "اللائحة العامة لحماية البيانات"، التي حلت محل التوجيه القديم لعام 1995، والذي كان قد أصبح متقادماً في بيئة الاتصالات الحديثة، حيث غير الإنترنت، والأجهزة المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي قواعد اللعبة. دخلت هذه اللائحة حيز التنفيذ في 25 مايو 2018، وتتميز بوضع البيانات الشخصية للمستخدمين في أعلى مستوى من الأهمية فيما يتعلق بالحماية القانونية.
وينطبق القانون على جميع الشركات التي تتعامل مع البيانات الشخصية للمقيمين الأوروبيين، حتى عندما لا تكون مقرات هذه الشركات في أوروبا.
ما هو تأثير اللائحة العامة لحماية البيانات؟
تؤثر اللائحة العامة لحماية البيانات على جميع الشركات التي تخزن أو تعالج البيانات الشخصية لمواطني الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن موقعها. إذا كانت شركتك تجمع وتعالج معلومات شخصية من مواطني الاتحاد الأوروبي، فعليك الالتزام بهذا القانون. تذكر أن البيانات الشخصية هي أي معلومة تحدد هوية شخص ما؛ قد تشمل الاسم أو عنوان البريد الإلكتروني، أو عنوان بروتوكول الإنترنت (IP)، أو بيانات ملفات تعريف الارتباط (Cookies).
كما يتعين على المتحكم بالبيانات تنفيذ تدابير لضمان أمن هذه البيانات، وفي بعض الحالات قد يكون تقييم تأثيرات الخصوصية إلزامياً بسبب استخدام تقنيات جديدة.
ومن أبرز الجوانب أيضاً هو الحاجة إلى موافقة صريحة قد تكون ضرورية لمعالجة المعلومات الشخصية للأفراد، إضافة إلى "الحق في النسيان"، أي حذف جميع بياناتهم الشخصية من قواعد بيانات الشركات، إلى جانب حقوق أخرى ضمن اللائحة.
تأثير اللائحة العامة لحماية البيانات على التسويق الرقمي
إذا كنت تعمل في مجال التسويق الرقمي، فإن جمع البيانات الشخصية سيتطلب منك تغيير أسلوبك لتجنب انتهاك القانون. ففي إطار التسويق الرقمي، يجب منح المستخدمين خيار أن يتم التواصل معهم أو تتبعهم أو لا، وفقاً للائحة.
سواء كان مسموحاً لك بتتبع أنشطة المستخدمين عبر الإنترنت أم لا، فهذا يعتمد على موافقتهم على سياسات الخصوصية وملفات تعريف الارتباط. وهناك اعتبارات أخرى يجب أن تكون على دراية بها:
المعلومات في السحابة
يتم تنفيذ معظم عمليات معالجة البيانات الشخصية اليوم عبر هذه الخدمات، وهي عرضة للهجمات أو السرقة أو التسريبات من أي مكان في العالم. يجب على الشركات أن تبادر إلى حماية بيانات العملاء وحتى موظفيها.
التسويق عبر البريد الإلكتروني
مع اللائحة العامة لحماية البيانات، لم يعد مسموحاً بشراء قوائم البريد الإلكتروني أو استخراج عناوين البريد من أي موقع. هذا الأمر محظور تماماً؛ يجب أن يختار الأشخاص بأنفسهم الاشتراك في نظام التسويق عبر البريد الإلكتروني حتى تتمكن من استخدام بياناتهم الشخصية. التزم باللائحة وتعلم استراتيجيات التسويق الأخلاقي عبر البريد مع معهد لندن بريمير للتدريب والاستشارات.
التسويق الآلي
التشغيل الآلي أداة قوية بالفعل، لكن من الضروري إيجاد طريقة للتأكد من أن نظامك الآلي لا يرسل رسائل بريد إلكتروني إلى مستخدمين قاموا بإلغاء الاشتراك. وبمعنى آخر، ستكون مسؤولاً عن ضمان أن جميع عناوين البريد الإلكتروني في قاعدة بياناتك قد وافقت على تلقي التسويق.
نصائح لتحقيق التوازن بين اللائحة والتسويق
كما رأيت، تعزز اللائحة العامة لحماية البيانات حقوق الخصوصية للمستخدمين، مما يعني التزامات إضافية على الشركات. وللتأكد من أن كل شيء صحيح، اتبع النصائح التالية:
تنظيم قاعدة بياناتك
يجب أن تكون قاعدة بياناتك منظمة. كن مستعداً للتحكم في كل تفصيل شخصي. إنها فرصة جيدة لحذف كل ما لا تحتاج إليه. يمكنك أيضاً استخدام أدوات إدارة الإعلانات التلقائية لجمع البيانات وتتبعها والتعامل مع الخصوصية والمعلومات الشخصية.
طلب موافقة صريحة وواضحة
أبلغ الأشخاص بكيفية استخدام بياناتهم الشخصية. يجب أن يمنح المستخدم موافقته على استخدام بياناته؛ ومن الضروري أن تشرح ببساطة ووضوح كيف ستُستخدم تلك البيانات.
احتفظ بسجل حول من وافق ومتى وكيف ولأي غرض. وهذا يعني أيضاً أنه إذا أردت مستقبلاً استخدام تلك البيانات لغرض مختلف، فيجب أن يمنح العميل موافقته مرة أخرى. وفي هذه الحالة، يمكن لمنصات إدارة الموافقة أن تساعد في توحيد البيانات ومواءمة الاتصالات التسويقية مع قوانين خصوصية البيانات.
إعادة تشكيل وجه التسويق الرقمي
بمعنى آخر، تقلب اللائحة العامة لحماية البيانات وجه التسويق الرقمي رأساً على عقب. من رسائل البريد الصارمة إلى تفضيل تحسين محركات البحث القائم على المحتوى، تواجه الشركات عالماً جديداً تماماً حيث يهيمن التلاقي بين الموافقة، وحماية البيانات، والتجربة الشخصية.
إن استيعاب متطلبات اللائحة ضمن نقاط الاتصال التسويقية الفعالة يتطلب قاعدة بيانات منظمة للغاية، ونهجاً صريحاً وشفافاً في الحصول على الموافقات، إضافة إلى عقلية مستقبلية لتعزيز الاتصالات التسويقية بما يتماشى مع القوانين المتغيرة لحماية البيانات.