تواجه المؤسسات اليوم مشهداً غير مسبوق في مجال الرعاية الصحية يتمثل في ارتفاع التكاليف، ومشكلات التوظيف، والامتثال للوائح التنظيمية الصارمة، والتي تعيق الاستدامة والنمو. ونتيجة لذلك، أصبحت فرق الرعاية الصحية تحت ضغط هائل لتحسين استخدام الموارد، وخفض التكاليف العامة، واعتماد ممارسات مناسبة في إدارة المشاريع. إن استخدام إدارة المشاريع في الرعاية الصحية لم يعد مجرد ميزة إضافية؛ بل أصبح ضرورة مطلقة.
تؤثر إدارة المشاريع بشكل مباشر على صورة المؤسسة، وأموالها، ومعنوياتها. ومع ذلك، وبطريقة خاصة، عند النظر في إدارة المشاريع الصحية، يمكن القول إن المشاريع والمبادرات تؤثر مباشرة في رعاية المرضى؛ وبالتالي، فإن المخاطر تكون أعلى بكثير.
لكي يكون المرء مدير مشروع ناجح في الرعاية الصحية، يجب أن يمتلك رؤية واضحة للأهداف، وخطة تنفيذ محددة جيداً، وأدوات لتنفيذها بنجاح. هذه المدونة سوف تساعدك على البدء نحو التميز في إدارة المشاريع الصحية.
تعمل إدارة المشاريع في الرعاية الصحية كحافز لإحداث أي ابتكار أو تغيير داخل القطاع. ومع التقدم السريع في التقنيات الطبية وأساليب العلاج، يجب على مؤسسات الرعاية الصحية أن تبقى في طليعة الابتكار من أجل تقديم أفضل رعاية.
تُسهل إدارة المشاريع التنفيذ المناسب للتقنيات الطبية الجديدة، كما تزرع بيئة التحسين المستمر. إنها تشجع فرق الرعاية الصحية على التفكير في الابتكارات — سواء كان نظام علاج متقدم، أو تفاعل المرضى من خلال المنصات الرقمية، أو نماذج مبتكرة لتقديم الرعاية الصحية.
يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية أن تخطط وتنفذ المشاريع بطريقة تمكّنها من اغتنام الفرص لتمهيد الطريق أمام أساليب جديدة، وتحسين الأساليب القائمة، ورفع معايير الرعاية المقدمة لمرضاها. إن إدارة المشاريع في الرعاية الصحية تواجه التحديات التي يفرضها هذا المجال الديناميكي وتتبنى التغيير والنمو بشكل إيجابي داخل الصناعة.
هناك عدة استراتيجيات لإدارة المشاريع يمكن أن تكون مفيدة في بيئات الرعاية الصحية، حيث تساعد المؤسسات على التخطيط، والتنفيذ، ومراقبة المشاريع بفعالية. أتقن استراتيجيات إدارة المشاريع مع المركز الرائد في لندن للتدريب والاستشارات. فيما يلي بعض الاستراتيجيات المستخدمة بشكل شائع في إدارة مشاريع الرعاية الصحية:
هذه المنهجية خطية ومنظمة. وهي مناسبة للمشاريع الصحية التي لها متطلبات واضحة. يتم إنجاز كل مرحلة أولاً قبل أن تبدأ المرحلة التالية. تُستخدم عادة في المشاريع مثل تنفيذ أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية (EHR).
أجايل تكيفية وتدريجية، وتحظى باهتمام متزايد في مرافق الصحة. تُطبق عادة في المشاريع التي تكون متطلباتها قابلة للتغيير أو غير مفهومة بالكامل منذ البداية، مثل تطوير البرمجيات في التطبيقات الصحية. تشجع أجايل على العمل الجماعي، والمرونة، والمدخلات المستمرة من المستخدمين النهائيين.
وهي شكل آخر من أجايل وأكثر ملاءمة لتكنولوجيا المعلومات في الصحة. تقسم حجم العمل الكلي إلى دورات قصيرة محددة زمنياً يتم توزيعها على شكل "سباقات" (Sprints)، مما يسمح للفرق بالتركيز على ميزات محددة وتسليمها بشكل تدريجي. عند حدوث تغييرات، يتيح هذا النهج رد فعل سريع وشفافية خلال تطوير المشروع.
نشأت من قطاع التصنيع، حيث يركز اللين على إزالة الهدر وزيادة الكفاءة. في الرعاية الصحية، يُطبق اللين لإنشاء عمليات معيارية، وخفض أوقات انتظار المرضى، وتعزيز تجربة المرضى بشكل عام. أما منهجية Lean Six Sigma فهي نموذج يجمع بين اللين والتركيز القوي على تحليلات البيانات للمساعدة في اكتشاف المشكلات وحلها.
وهي منهجية لإدارة المشاريع قائمة على العمليات، أي أنها تصف النهج الكامل اللازم لجعل كل شيء منظمًا، ومراقبًا، وفعالاً بالكامل. تُستخدم في السيناريوهات الصحية المعقدة حيث يوجد حوكمة كبيرة وإدارة مخاطر متقدمة.
طريقة المسار الحرج هي نهج رياضي لإدارة المشاريع، مناسبة للرعاية الصحية التي تحتوي على مهام وعلاقات تبعية محددة بوضوح. إنها مهمة لفهم "المسار الحرج"، أي تسلسل الأنشطة الذي يحدد إجمالي مدة المشروع. تُستخدم مثلاً في مشاريع بناء أو توسعة مرافق المستشفيات.
تهدف منهجيات سيجما ستة إلى تقليل عدد العيوب والأخطاء في العمليات. لذلك، تطبق معظم المستشفيات سيجما ستة في جهودها لتحسين سلامة المرضى، وتقليل حدوث الأخطاء الطبية، وتقديم رعاية ذات جودة أفضل.
إدارة المشاريع في الرعاية الصحية أمر بالغ الأهمية لعدة أسباب:
الرهانات أعلى في الرعاية الصحية مقارنة بمعظم الصناعات الأخرى. تعتمد حياة المرضى ورفاهيتهم على قدرة مقدمي الرعاية الصحية على الأداء بأفضل شكل. يمكن أن تؤثر نجاحات تنفيذ المشاريع بشكل مباشر على جودة رعاية المرضى.
التطورات الطبية والتكنولوجية تحدث بسرعة كبيرة لدرجة أن الإرشادات أو الإجراءات الحالية بالكاد تواكب هذه التطورات. تعمل إدارة المشاريع كوسيلة لإبقاء الجميع على اطلاع وعلى نفس المسار.
أينما يتلقى المرضى رعايتهم، يبقى خطر التقاضي تهديداً دائماً مع احتمالات لا تنتهي. وفي ظل السيناريوهات القانونية "المحمومة" اليوم، فإن سوء رعاية المرضى، أو إعطاء الأدوية الخاطئة، أو الجرعات الخاطئة، أو جميعها، قد يشكل أساساً لدعاوى قضائية. تساعد إدارة المشاريع من خلال التنفيذ النشط لعمليات واضحة بحيث يكون الجميع على نفس الصفحة؛ إذ إن الاتساق من خلال إدارة المشاريع يقلل من المخاطر ويغلق العديد من أبواب التقاضي.
